الجمعة 19 أبريل 2024 11:32 صـ 10 شوال 1445هـ
شرق وغرب

كيف صارت «مافيا ندرانجيتا» الإيطالية الأخطر حول العالم؟

مافيا ندرانجيتا
مافيا ندرانجيتا

في ديسمبر من عام 2018، عندما أسفرت أوسع مداهمة على الإطلاق تنفذها الشرطة الأوروبية ضد "مافيا ندرانجيتا" الإيطالية، عن اعتقال 80 شخصا، وصف المحققون الإيطاليون الجماعة بأنها "أقوى منظمة مافيا عابرة للحدود".

ووفقا لبحث أجراه معهد "أوريسبيز" الإيطالي، تجني "مافيا ندرانجيتا" تجني ما يتراوح بين 300 و350 مليون يورو (330-385 مليون دولار) أسبوعيا من وراء عمليات تهريب المخدرات، التي يمثل مخدر الكوكايين الجزء الأكبر منها، وتعتبر شرطة مكافحة المافيا الإيطالية الرقم موثوقا.

ومنذ عقود، كان لدى "مافيا ندرانجيتا" مصدر دخل رئيسي آخر، وهو عمليات الاختطاف من أجل طلب فِدي.

وعلى مدار حوالي 30 عاما، بداية من عام 1969، سقط ما يقرب من 700 شخص ضحايا لهذه الجرائم، التي بلغت الذروة في عام 1977 بتسجيل 75 حالة في عام واحد، بحسب ما ورد في مقال نشرته مجلة "إيطاليان ريفيو أوف كريمينولوجي" المتخصصة في علم الإجرام، نقلا عن بيانات وزارة الداخلية.

ويقول دومينيكو دي بيتريللو، وهو مسؤول سابق في قوات العمليات الخاصة التابعة لشرطة قوات الدرك "كارابينيري" الإيطالية، والذي تولى التحقيق في عشرات من حالات الخطف التي نفذتها المافيا خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي: "كان الأمر بنفس السوء الذي كان عليه في أمريكا اللاتينية".

وتولى أفراد العصابات في منطقة كالابريا الإيطالية الدور الرئيسي في جرائم الاختطاف، التي نالت أيضا استحسان العصابات الريفية في جزيرة سردينيا، والإرهابيين السياسيين مثل جماعة الألوية الحمراء اليسارية، بالإضافة إلى مافيا "كوسا نوسترا" بجزيرة صقلية، وإن كان على نحو أقل.

وبحسب خبير في شرطة مكافحة المافيا الايطالية، تحدث إلى وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ)، وطلب عدم الكشف عن هويته لدواع أمنية، وصل نصيب مافيا ندرانجيتا" إلى "ما يتراوح بين 65 و70 في المئة" من أموال الفديات التي تقدر بـ 800 مليار ليرة (470 مليون دولار)، حصلت عليها جماعات إجرامية إيطالية مختلفة جراء عمليات الاختطاف.

وسارع أفراد العصابات في كالابريا إلى إعادة استثمار أرباحهم، بصورة جزئية في امتيازات شخصية- مثل شراء فيلات وسيارات فاخرة- ولكن في معظم الحالات من أجل "دخول قطاع تهريب الكوكايين"، بحسب ما صرح به ممثل الادعاء المناهض للمافيا نيكولا جراتيري، أمام لجنة مكافحة المافيا بالبرلمان الإيطالي في عام 2014.

وأوضح جراتيري أنه كان هناك "شبه احتكار" لسوق الهيروين من قبل مافيا "كوسا نوسترا"، في حين وجدت "مافيا ندرانجيتا" في الكوكايين "حصانا رابحا" جديدا، مضيفا أن بعض أفرادها عاشوا في أمريكا اللاتينية "لمدد تتراوح بين 30 و40 عاما ولديهم أسر هناك".

كما اخترقت "ندرانجيتا" أيضا قطاعي العقارات والأشغال العامة.

وعلى سبيل المثال، تم توظيف الأرباح من عملية الاختطاف البشعة لجون بول جيتي الثالث، لإقامة حي سكني على ساحل كالابريا، عرف باسم "قرية جيتي".

وتم خطف جيتي، سليل عائلة النفط الأمريكية، في العاصمة روما في عام 1973، وظل قيد الأسر في جبال كالابريا النائية لمدة خمسة أشهر. وقد تم قطع أذنه اليمنى للضغط على عائلته لدفع مبلغ 7ر1 مليار ليرة من أجل إطلاق سراحه.

وكان هناك كثير من حالات الاختطاف الأخرى التي كشفت عن وحشية ندرانجيتا.

وانتشرت المخاوف من عمليات الخطف بصورة كبيرة بين النخب الإيطالية، وخاصة في أواخر سبعينيات القرن الماضي، وهي فترة مضطربة شهدت خطف وقتل رئيس الوزراء السابق ألدو مورو في عام 1978، على أيدي الألوية الحمراء، وليس المافيا.

وقد تمكنت بعض أهداف الاختطاف المحتملة البلاد، مثل عائلة كارلا بروني، عارضة الأزياء السابقة وزوجة رئيس فرنسا الاسبق نيكولا ساركوزي، التي انتقلت إلى فرنسا في عام 1975 ، في حين اتخذ غيرها، مثل سيلفيو بيرلسكوني، رئيس وزراء إيطاليا الأسبق، احتياطات أخرى.

وكان تم تصوير بيرلسكوني، الذي كان آنذاك مطورا عقاريا ناشئا، في عام 1977 وقد وضع مسدسا على مكتبه، كما كان آنذاك حارس فيلته التي تقع بالقرب من ميلانو، فيتوريو مانجانو، أحد زعماء مافيا صقلية.

والشك هو أن بيرلسكوني استعان بمانجانو في إطار مجموعة من أفراد العصابات الذين قاموا بحمايته أيضا ضد الاختطاف. ولطالما نفى بيرلسكوني أي معرفة له بالماضي الإجرامي لمانجانو، كما نفى وجود أي صلة تربطه بمافيا "كوسا نوسترا".

وتلاشت جرائم الاختطاف خلال تسعينيات القرن الماضي، ويعود ذلك جزئيا إلى قانون صدر في عام 1993، جعل من الأسهل بكثير على السلطات السيطرة على أصول أقارب الضحايا، مما يجعل من الصعب تلبية مطالب الحصول على فدي.

ويقول الخبراء إن الغضب الشعبي المتزايد ضد وحشية المافيا، بالإضافة إلى تطور عمل الشرطة وتغليظ العقوبات على الخاطفين، وفوق كل ذلك، إدراك أن تهريب المخدرات يتميز بربح أكبر، وخطورة أقل، قد ساهم في اختفاء هذه الظاهرة.

أمريكا بومبيو تويتر الحكومي