الجمعة 19 أبريل 2024 03:22 مـ 10 شوال 1445هـ
شرق وغرب

الموت وحيدا ثم الحرق.. ماذا يحدث لضحايا كورونا في إيطاليا؟

البصمة

يقول أندريا سيراتو، الذي يعمل في إدارة الجنازات في ميلانو: "هذا الوباء يقتل مرتين، أولًا حينما يعزلك عن أحبائك قبل وفاتك مباشرة، ويتبعه بحرمان أهلك من توديعك الوداع الأخير"، وفقا لما ذكرته "بي بي سي".

"العائلات مدمرة وليس من خيار ثان لهم!"


في إيطاليا يموت العديد من ضحايا فيروس كورونا في عزلة بالمستشفى دون وجود عائلاتهم أو أصدقائهم، وحتى الزيارات محرومون منها لمنع خطر العدوى.

في حين أن السلطات الصحية تؤكد أن الفيروس لا يمكن انتقاله بعد وفاة الشخص المصاب، فإنه لا يزال باق على قيد الحياة على الملابس لبضع ساعات، وهذا يعني أن الجثث يتم إغلاقها على الفور.

يقول ماسيمو مانكاستروببا، وهو متعهد الجنازات في كريمونا: "يسألنا الكثير من العائلات عما إذا كان بإمكانهم رؤية الجثة للمرة الأخيرة، ولكن هذا ممنوع".

"الحياة قاتمة في إيطاليا".. الجثث تدفن أو تحرق

باتت الحياة في روما تحت تأمين فيروس كورونا، فلا يمكن دفن الموتى في ملابسهم المفضلة، بدلا من ذلك، يدفنون في ثوب المستشفى، يقول ماسيمو: "نضع الملابس التي تعطينا إياها أسرة المتوفي فوق الجثة كما لو كانوا يرتدونها؛ إذ نضع قميصا في الأعلى وتنورة في الأسفل".

في هذا الوضع غير المسبوق يجد المتعهدون أنفسهم كأنهم يتصرفون كعائلات أو أصدقاء للمتوفي؛ حيث تقول أندريا: "نتحمل جميع المسؤوليات تجاههم.. نرسل لأحبائهم صورة التابوت الذي سيتم استخدامه، ثم نأخذ الجثة من المستشفى ونقوم بدفنها أو حرقها".

وكان أصعب شيء بالنسبة لأندريا هو عدم القدرة على تخفيف معاناة الفقيد؛ فبدلا من إخبار العائلات بإجراءات الدفن والجنازة، يضطرون إلى إخبارهم بأن كل شيء لم يعد مسموحًا له بفعله الآن.

كان أندريا متعهدًا لمدة 30 عامًا مثل عمل والده قبله، يقول إن تلك الأشياء الصغيرة عادة ما تكون مهمة للغاية؛ "كمداعبة خدهم مرة أخيرة ممسكين بيديهم، وعدم القدرة على القيام بذلك أمر صادم للغاية".

في هذا الوقت من الفيروس غالبا ما يضطر المتعهدون إلى مقابلة العائلات الحزينة على جانبي الباب المغلق، ولا يزال الأقارب يحاولون تمرير الملاحظات المكتوبة بخط اليد، والإرث العائلي والرسومات والقصائد على أمل أن يدفنوا جنبًا إلى جنب مع والدتهم أو والدهم أو أخهم أو أختهم، ولكن لم يعد يتم وضع أي من هذه الأشياء في التوابيت.

دفن أغراض شخصية غير قانوني الآن وتم تصميمه لوقف انتشار المرض، فإذا مات شخص ما في المنزل، فلا يزال يُسمح للمتعهدين بالدخول، ولكن يجب أن يرتدوا ملابس واقية كاملة، مثل: النظارات والأقنعة والقفازات والمعاطف، وهو مشهد محزن للغاية؛ قلق كبير أن تجد من يتعاملون مع الموتى ليس لديهم أقنعة أو قفازات كافية.

يقول أندريا: "لدينا ما يكفي من معدات الحماية لإبقائنا مستمرين لمدة أسبوع آخر، ولكن عندما تنفد لن نتمكن من العمل ثانية ونحن أحد أكبر بيوت الجنازات في البلاد، فماذا عن الباقين؟!".

كما تم حظر قانون وطني للطوارئ الآن خدمات الجنازة في إيطاليا لمنع انتشار الفيروس، وهذا أمر لم يسبق له مثيل لدولة ذات قيم كاثوليكية قوية؛ يقول أندريا ندفن العديد من الجثث يوميا، ولا يظهر شخصا واحدا ليودعهم؛ فالجميع موجودون في الحجر الصحي.

ويقول ماسيمو: "يُسمح لشخص أو شخصين بالتواجد أثناء الدفن ولكن لا أحد يشعر بالقدرة على أن ينبس ببنت شفة، ولذا فالدفن عبارة عن حالة من الصمت".

"البلد تعج بالتوابيت ولا مجال للعزاء"

صناعة الجثث في إيطاليا مرهقة، وبخاصة بعد استمرار عدد الوفيات في الارتفاع، بسبب فيروس كورونا الذي قضى على أكثر من 7000 شخص حتى الآن، متجاوزا أي بلد آخر في العالم.

يقول أندريا: "هناك طابور خارج منزل جنازتنا في كريمونا الذي يبدو وكأنه طابور في سوبر ماركت". ويضيف ماسيمو: "كنيسة المستشفى في كريمونا تبدو وكأنها مستودع؛ حيث تتراكم الصناديق في الكنائس في بيرغامو، ما اضطر الجيش إلى التدخل لأن مقابر المدينة غدت ممتلئة".

في إحدى الليالي الأسبوع الماضي راقب السكان المحليون بصمت، بينما كانت قافلة من شاحنات الجيش تقود أكثر من 70 تابوتًا في الشوارع، حيث احتوت كل واحدة على جثة صديق أو جار تنقل إلى مدينة قريبة ليتم حرقها.