الجمعة 29 مارس 2024 11:51 صـ 19 رمضان 1445هـ
علوم واكتشافات

جولة بين كنوز عمرها 30 مليون سنة في الصحراء الغربية المصرية

البصمة

يشكل منخفضا الواحات البحرية وواحات الفرافرة أقل من 1% من مساحة الصحراء الغربية المصرية، ولكنهما يضمان تركيبات صخرية ومناظر طبيعية لا توجد بمصر كلها بل يندر وجودها حول العالم.

ويقول جوان مارتينيز، الصحفي بقناة "بي بي سي" البريطانية، خلال زيارته للصحراء الغربية إن ذلك ليس مكانا لاستكشاف المقابر الأثرية بل لرؤية بقايا الدينصورات التي يبلغ عمرها ملايين السنين.

وتبعث الواحات الحياة لأحد أكثر مناطق العالم جفافا في قلب الصحراء الغربية (370 كيلو متر جنوب القاهرة) إذ تشكلت تلك الواحات عند بلوغ شبكات من المياه الجوفية تلك المنطقة وبدء حدوث فصل ربيعي بشكل سنوي بتلك المنطقة منذ سنين طويلة لتظهر أشجار النخيل المثمرة والعيون الكبريتية التي تبلغ حرارتها 40 درجة مئوية لتكون معلما لجذب السياح وطقسا مميزا لختام كل يوم.

وإلى الجنوب قليلا من الواحات البحرية تتراءى الصحراء السوداء للأنظار بتلالها المغبرة ببودرة سوداء مميزة، إذ يقول مارتينيز إنه تسلق الجبل الإنجليزي لرؤية أشمل للمكان فتلاحقت أنفاسه لجمال المنظر الذي شكله بركان قديم وقع في عصر الديناصورات.

ويضيف مارتينيز إن المناظر الطبيعية تتبدل سريعا بالمرور في الصحراء فبعد مجرد 30 كيلو متر من الصحراء السوداء اختفت التلال البركانية ليظل الطريق عبارة عن لوحة من الرمال الصفراء غير المنتهية ولكن المميز في الأمر أن صخور الجير الناجمة عن التعرية في المكان توفر ملاذا غير متوقع لحيوانات نادرة مثل الثعالب البيضاء والغزلان المصرية وأنواع من الخراف البرية.

وتابع أنه أثناء سفر الفوج على الطريق منطلقين للفرافرة أخبرهم المرشد البدوي إسلام، بأنه سيريهم جبل من الكريستال، مشيرا لجبل من الصخر على جانب الطريق، ليضيف مارتينيز إنه لم يجد شيئا مميزا عن الجبل سوى ارتفاعه الجذاب لهواة التسلق ولكن بمجرد صعوده الجبل ورؤيته صخور عديمة اللون من البلورات الطويلة تغير رأيه سريعا عن ذلك المكان الأخاذ.

ورغم أن إسلام أخبر مارتينيز، بأن الجبل من بلورات الكوارتيز إلا أن عالم جيولوجيا ألماني في الفوج أكد بأنه من أحجار الكلس أو الباريت، والكلس ينشأ بشكل طبيعى من عمليات التعرية ولكن الكوارتيز لا ينشأ سوى من التغيرات بالصفائح التكتونية في عمق الأرض.

وبعد سير 126 كيلو متر إضافية تظهر الصحراء البيضاء بتراكيبها الصخرية الأخاذة فمنها ما يشبه موج البحر ومنها ما يشبه المشروم في لوحة تخطف أذهان من يزورها.

وحدثت تلك الأشكال الغريبة جراء تصدع تكتوني وقع إبان العصر الجليدي منذ 30 مليون عام مشكلا تلك الجبال الجيرية بينما قامت العواصف وعوامل التعرية بعملها لنحت ورسم تلك الصحراء بشكل مميز.

ويقول مارتينيز عن الصحراء البيضاء إنها أشبه بمتحف فني مفتوح لكثرة تراكيبها ورسماتها التي لا يشبه شيء منها الآخر.

وقررت الحكومة المصرية عام 2002 جعل المنطقة محمية طبيعية تحظر الأنشطة الصناعية والعمرانية فيها أو حولها ولكن الأفواج السياحية باستطاعتها دخول المنطقة بصحبة المرشدين البدو.

ويقول مارتينيز إن اكتمال القمر على الصحراء البيضاء له مفعول ساحر، إذ أن زاوية النظر لكل تركيب صخري تجعل له شكلا مختلفا، فذات مرة رأى صخرة فظنها بخياله أبو الهول وتارة رأى أشكالا للإبل وتارة ما يشبه وجوه البشر.