الخميس 28 مارس 2024 08:10 مـ 18 رمضان 1445هـ
مقالات

يارا عبدالقوى زقزوق تكتب : لماذا “1“مايو عيدا للعمال؟وماهي قصته؟

البصمة
يصادف اليوم "الأول" من شهر مايو، آيار "عيد العمال" العالمي، حيث يعتبر عيدًا سنويًا، يعطل فيه العمال في كافة المجالات والميادين، ويتوقفون عن ممارسة أعمالهم. واختير الأول من مايو، تخليدًا لذكرى من سقط من العمال والقيادات العمالية، التي دعت إلى تحديد ساعات العمل بثماني ساعات يوميًا، وتحسين ظروف العمل. ويُعزى أصل هذا العيد إلى الإضراب الكبير في مدينة شيكاغو بالولايات المتحدة الأمريكية عام 1886، حيث تطورت الولايات المتحدة، ودول أوربية عديدة في ذلك الوقت من الرأسمالية إلى الإمبريالية، واستمرّ الرأسماليون في زيادة وقت العمل وقوّته لتحفيز تطوّر الاقتصاد بسرعة شديدة، واستغلّوا العمال بصورة قاسية، فكان العمال يعملون من 14 إلى 16 ساعة كل يوم، وينالون أجورًا قليلة، فيما أثار هذا الاضطهاد الشديد غضب العمال، وأدركوا أن اتحادهم وكفاحهم ضد الرأسماليين من خلال الإضرابات، هو الطريقة الوحيدة لنيل ظروف معيشية معقولة، وطرحوا شعار الإضراب، وهو “نظام العمل لثماني ساعات”. وفي عام 1877، بدأ أول إضراب على المستوى الوطني في تاريخ أمريكا، ونظّم العمال مظاهرة كبيرة، كانوا يطالبون بتحديد ساعات العمل ب 8 ساعات فى اليوم. بدأ الاضراب يوم 1 مايو واستمر حتى 4 مايو بنجاح وبشكل سلمي وبالفعل توقف في الأول من أيار 350.000 عامل في أكثر من 20.000 مصنع أمريكي عن العمل. و في يوم 4 مايو طالب العمال بعقد اجتماع، ووافقت السلطات على الاجتماع. وحضره عمدة شيكاغو وجلس العمال يستمعون لمطالب زعمائهم فى ساعات محددة تعطى لصاحب العمل حقه وتعطى العمال حقهم فى الراحة. بعد فترة من الوقت نهض العمدة وغادر المكان ولم تمض دقائق، فوجىء العمال برجال الشرطة وهم يفضون الاجتماع بالقوة. تصايح العمال لماذا صرحتم لنا بالاجتماع وتريدون فضه بالقوة ! وخرجوا إلى الشوارع في مظاهرة ضخمة، وشلت هذه المصانع الكبيرة، وحاولت الحكومة قمع المظاهرة بالقوة، الأمر الذي أشعل نيران كفاح العمال في أنحاء العالم، ودخل العمال في أوروبا، والقارات الأخرى في إضرابات واحداً تلو الآخر، وبعد شهر اضطرت الحكومة الأمريكية إلى تنفيذ قانون العمل لثماني ساعات بفعالية. وفي خضم تلك الأحداث، ووسط الفوضى والهياج الحاصل انفجرت قنبلة لا أحد يدرى من أين جاءت وسط تجمع للشرطة أدى إلى مقتل 11 شخصا بينهم 7 من رجال الشرطة. وبدأ اطلاق النار والقبض على العمال في أمريكا، وخرجت الصحف فى اليوم التالى وهى تتهم العمال بالتخريب والفوضى، وكانت الصحف فى معظمها مملوكة لأصحاب المصانع ورؤوس الأموال. وفى ظل هذا الجو الغير مستقر حوكم زعماء العمال وكانت أبشع محاكمة فى تاريخ القضاء. فقد لفقت الحكومة الأمريكية، للعمال المقبوض عليهم تهمة تفجير القنبلة وصدر الحكم بإعدام سبعة من زعماء العمال وخفف الحكم بعد ذلك بالسجن المؤبد بدل الإعدام. وانتحر عامل، ونفذ حكم الاعدام شنقا فى الأربعة الباقيين. و فى الوقت نفسه الذى كان الجلاد ينفذ حكم الاعدام كانت زوجة "اوجست سبايز" أحد العمال المحكوم عليهم بالاعدام تقرأ خطابا كتبه زوجها لابنه الصغير "جيم" " ولدى الصغير عندما تكبر وتصبح شابا وتحقق أمنية عمرى ستعرف لماذا أموت؟ ليس عندى ما أقوله لك أكثر من أننى" برىء"...وأموت من أجل قضية شريفة ولهذا لا أخاف الموت وعندما تكبر ستفخر بأبيك وتحكى قصته لأصدقائك" ومر الوقت وبعد 11 سنة كُشفت براءة العمال كان مدير البوليس قد خرج على المعاش ودخل فى مرض الموت وتحرك ضميره فاعترف بالحقيقة قال: ان البوليس هو الذى رمى القنبلة وهو الذى لفق التهمة للعمال. وهز اعتراف مدير البوليس كل ولايات" أمريكا"كما هز قلوب العمال فى العالم كله وطالب الرأى العام بإعادة المحاكمة وثبتت براءة العمال. وتقرر اعتبار "أول مايو" عيدا عالميا "للعمال" أما "جيم" الصغير فقد رفع رأسه بين زملائه ونشر خطاب أبيه إليه . وفي جويلية عام 1889، افتتح مؤتمر النواب الاشتراكيين الدولي في باريس الفرنسية، وقرّر المؤتمر تحديد الأول من ماي كل سنة عيداً مشتركاً لجميع البروليتاريين في العالم، وفي هذا اليوم من عام 1890 بادر العمال في أمريكا وأوروبا بتسيير مظاهرات كبيرة للاحتفال بنجاح كفاح العمال، ليصبح الأول من أيار يومًا لكل عمال العالم.