الجمعة 19 أبريل 2024 03:22 صـ 10 شوال 1445هـ
مقالات

سيناء الماضي والحاضر والمستقبل

البصمة

لا أنسى في إحدى الحلقات وحديثي مع بعض رجالات القوات المسلحة المصرية عن قيمة سيناء ليس فقط بالنسبة للمصريين ولكن كمطمع كبير من مطامع العدو الصهيوني، فمصر تمثل موقعا استراتيجيا مهما فى مخططات الصهيونية العالمية حيث تعتبر مصر من ضمن إسرائيل التوراتية وسيناء تدخل فى إطار الوطن التوراتى، ومن هذه الزاوية تعتبر مصر البوابة الجنوبية لدخول فلسطين، وتعد سيناء الحد الاستراتيجى .

 ولعل الأهمية الإستراتيجية لشبه جزيرة سيناء البوابة الشرقية لمصر وحلقة الوصل بين مصر والمشرق العربى من ناحية وبين قارتى اسيا وإفريقيا من ناحية أخرى احد العوامل المهمة، أيضا لفتت أنظار اليهود فضلا عن أنها الأرض التى نادى فيها سيدنا موسى ربه فلقد دفعت هذه العوامل الصهاينة إلى التفكير فى اختيار سيناء لتكون وطنا لليهود ولقد زاد الاهتمام بشبه جزيرة سيناء بعد انشاء خط سكك حديد السويس ومد خط التليغراف إليها

وبعد انعقاد المؤتمر الصهيونى بمدينة بازل في23أغسطس عام1897 الذى نص على انشاء وطن قومى لليهود، تطوع يهود مصر فى دعم هذه الدعوة ، وبعد انعقاد مؤتمر بازل اتجهت الأطماع صوب سيناء وسعوا بالفعل لإقامة وطن قومى لليهود فيها حيث رأو أنها الأفضل وكان يطلق عليها (فلسطين المصرية)، وكان يرى أنه لو تمكنت شركة يهودية من أن تضع أقدامها فى سيناء والعريش فانه سيبدأ بإنشاء مشروع الوطن القومي . 

وبعد نصر أكتوبر 73 تلكأت إسرائيل فى الخروج من سيناء وتمسكت بطابا، وبعد إجراء التحكيم الدولى عادت طابا إلى مصر والغريب أن أطماع إسرائيل رغم معاهدة السلام لم تتوقف فى أثناء حكم حسنى مبارك بل تعاظمت هذه الدعوات وبتبجح شديد حيث رددت بعض العناصر الإسرائيلية أن مصر لا تحتاج إلى شبه جزيرة سيناء، وأن إسرائيل من الضرورى أن تسيطر على سيناء حتى لو اضطرها الأمر إلى إعطاء مقابل مادى عن هذه الاراضي.

 وحتى الآن لا تزال إسرائيل تدعى بأن الحكومة المصرية غير قادرة على السيطرة فى سيناء وتأمينها وأن سلطة الحكومة المصرية معدومة فى سيناء، وأن سيناء أصبحت بعد معاهدة السلام مطمعا ومرتعا للجماعات الإرهابية.

إن المطاردة المحكمة لعناصر الإرهاب فى الداخل مثل أجناد مصر أو غيرها والتى تقوم بعمليات تفجيرات ويتم ملاحقتها ربما دفعت بعضها للهروب إلى سيناء وهو ما بدا فى انتعاش العمليات الإرهابية هناك وبالفعل هناك أطماع كثيرة تحوم حول سيناء .

 وهناك مخطط إسرائيلى لحل مشكلة اللاجئين الفلسطينيين فى غزة وغيرها فهناك خطة تم طرحها عام 2008 لعملية تبادل الأراضى وأن يتم اقتطاع جزء من سيناء لتوطين الفلسطينيين على أن تتولى شركات دولية يهودية وأمريكية تعمير سيناء بحيث يكون هذا الثمن لمصر، وهذا أمر رفضته مصر منذ فترة طويلة.

وبالنسبة لإسرائيل فيما يتعلق بوجود القوات المصرية فى سيناء فله أكثر من بعد البعد الأول أن مصر إذا كان هناك أى أمر يمكن أن يمس أو يهدد أمنها القومى فبصرف النظر عن الترتيبات الأمنية المنصوص عليها فى اتفاقية السلام فان الوضع الحالى يشير إلى أن مصر قواتها موجودة هناك، وحول دور إسرائيل فى الامن بسيناء فالجانب الاسرائيلى له مصالح خاصة من منظور الامن القومى الاسرائيلى أيضا يهمه عدم تصدير الارهاب من سيناء إلى داخل إسرائيل والا يكون هناك بدائل للإنفاق من حركة حماس بعد السياسة المصرية النشطة والايجابية فى تدمير الانفاق

وهناك تحديات داخلية وخارجية فالتحديات الداخلية منها تحديات جغرافية سياسية متعلقة بوضع سيناء حيث إن سيناء شبه جزيرة وعدد سكانها محدود ومساحتها شاسعة واهم عنصر طبوجغرافيا الأرض وهى صعبة وحادة فى وسط وجنوب سيناء، ولا توجد اتصالات سهلة وتحتاج إلى جهد كبير معلوماتى واستخباراتى لكى تحقق مواجهة ناجحة وفعالة مع جماعات الارهاب التى تتخذ من أرض سيناء مقرا لها، وفى تقديرى بأنه ضرورى لإقامة هذه العناصر أن تكون فى وسط سيناء لانها أصعب مناطق سيناء جغرافية،

فسيناء تمثل ثلاثة أضعاف مساحة إسرائيل وثلث مساحة مصر ومنطقة شمال سيناء يسكنها (300الف ) مواطن وجنوب سيناء 60 ألفا ومحافظة شمال سيناء تعتبر من أفقر المحافظات اقتصاديا واجتماعيا والتعامل مع هذه المنطقة تتطلب دراسات علمية غير موجودة حاليا.

ولابد من الجيش المصرى والشرطة الاستعانة بعلماء علم اجتماع يفهمون ثقافة ولغة القبائل وبسبب هذا تواجه الأجهزة الأمنية بعض المشاكل لكى يفهموا اللهجة السيناويه، فأنت تحتاج إلى تعامل علمى فى هذا الموضوع وهذا يتطلب منك ان تبتعد عن الطرق التقليدية لأنك تتعامل مع إرهاب متقدم يعتمد على تدريبات دولية وسلاح مهرب من خفافيش الظلام وقوى الشر التي لا تخفى على أجهزتنا المخابراتية المشهود لها عالمياً ...لذا أعتقد بأنه أن الأوان أن نكون جميعاً على قلب رجل واحد وأن ننحي جانباً بعض الصراعات السياسية والايديولوجية واضعين نصب أعيننا مصلحة وطننا مصر....مش كده ولا أيه؟