الجمعة 26 أبريل 2024 03:05 صـ 17 شوال 1445هـ
مصر الآن

قصة أول دور نشر للمكفوفين: الثقافة تحت أصابع كل فاقد بصر

البصمة

"فاقد الشيء يعطيه".. من هنا كانت انطلاقة محمد حسن الزياتي الذي حُرم منذ سن صغيرة من أن يحصل على أدنى حقوقه المعرفية بعد أن أثارت القراءة شغفه، فلم يجد ضالته بحجة أن تلك الكتب غير متاحة لمكفوفي البصر.

وقال الزياتي، صاحب أول دور نشر متخصصة لكتب المكفوفين، لـ"الشروق": "بمجرد أن تطأ قدماك أرض المعرض، تجد الأجنحة تعج بالكثير من الكتب، غير أن الجميع تغافل حق المكفوفين -مثلي- في أن يقرأون ويطلعون على الكتب كغيرهم".

الشاب الثلاثيني حقق حلمه بإنشاء الدار بعد أن راودته الفكرة قبل 15 عاما: "كانت البداية منذ أن كنت طالبا أبحث عن العديد من الكتب والمؤلفات، ولكنني في كل مرة كنت أعود صفر اليدين؛ بحجة أن هذه الكتب لم يتوفر منها نسخة للمكفوفين بعد؛ وهو ما جعلني أحث السير نحو عمل مشروع لتثقيف المكفوفين، بعدما كنت أجر أذيال الخيبة حينما أسأل عن كتب لمؤلفين تتوق نفسي لقراءة أعمالهم ولا أجدها، وهو ما عانيت منه مرات ومرات منذ الصغر"، هكذا تحدث الزياتي عن مشروعه دار الكتاب الملموس، الذي اتخذ من "الثقافة تحت أصابع كل كفيف" شعارا له.

وأشار إلى أنه كرس جُل وقته وجهده نحو ذلك المشروع، منذ ما يقرب من 15 عاما، وبخاصة حينما سأل ذات مرة عن كتاب للأديب العالمي طه حسين فلم يجده، وهو ما أصابه بالاستياء الشديد؛ فأنّى لكاتب كفيف بالأساس ألا تُطبع أعماله بطريقة تلائم فاقدي البصر أمثاله. من هنا شرع الزياتي في تأسيس "دار كلمة للكتاب الملموس"؛ تلبية لاحتياجات المكفوفين المعرفية، بتوفير كل ما يستطيع عليه جهدا من الكتب والروايات.

ولفت رئيس إدارة "الكتاب الملموس"، إلى أن مشروعه يهدف في المقام الأول إلى مد يد العون للمكفوفين بهدف سد جوعهم الثقافي؛ وذلك بإتاحة كتب متنوعة بطريقة برايل، إذ لا يقتصر على مجال بعينه، وإنما يضم مجالات عدة ما بين أدب وفكر وتاريخ ودين وسياسة، فضلا عن إتاحة القصص للأطفال من أعمار مختلفة مصحوبة بصور ومجسمات؛ كي تساعدهم في أن يتحسسوا ما يقرؤون عنه.

لاقى الزياتي الكثير من التحديات؛ فعلى الرغم من أنه لا يدخر جهدا لجمع ما تيسر له من الكتب والروايات، غير أن فكرته لا تجد لها صدى لدى الكثير من دور النشر والمؤسسات الثقافية المختلفة "فهدف دور النشر في المقام الأول هو الربح"؛ مناشدا وزارة الثقافة بأن تكثف جهدها لدعم المثقفين من فاقدي البصر؛ ليتمتعوا بأبسط حقوقهم المعرفية. وقال إنه يحتاج إلى المزيد من الدعم من قِبل مختلف الهيئات الثقافية، فبالرغم من امتلاكه مكتبة صغيرة "لا تتعدَ المتر في متر" بميدان رمسيس، إلا أنها معرضة للإغلاق في أي وقت؛ نظرا لتكاليفها الباهظة التي لا يستطيع عليها صبرا.

وأشار إلى أن دار "الكتاب الملموس" تشهد عامها التاسع على التوالي بمعرض الكتاب، بتوافد الكثير من شباب المكفوفين، إلا أن الإقبال ينقص قليلا عن العام الماض؛ إذ أن الموقع المخصص له هذه المرة في زاوية منزوية؛ تجعل من العسير الوصول إليه من قِبل فاقدي البصر.